شغف مدى الحياة ... رحلة مع البدايات
ما بزغ قبل 40 عاما من شغف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نما وترعرع وتوسع ليلامس كافة مفاصل صناعة ورياضة سباقات الخيول التي أحبها سموه كثيرا.

بينما سيكون اليوم الافتتاحي من مهرجان رويال آسكوت في العشرين من يونيو محور الاهتمام، لن يكون بحال من الأحوال الحدث البارز الوحيد للسباقات في ذلك اليوم؛ حيث يقام يوم الثلاثاء أيضا حفل للسباقات في برايتون، وهو المكان الذي شهد قبل 40 عاما بالضبط فوز المهرة "حتا" كأول خيل فائز مملوك لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.
حضر صاحب السمو الشيخ محمد السباقات لأول مرة، مع شقيقه سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، قبل 10 سنوات من ذلك التاريخ حينما كانا يدرسان في كامبريدج، وشهدا فوز "رويال بالاس" بسباق 2000 غينيس في نيوماركت، ومنذ ذلك الحين انغرس الشغف بالسباقات في وجدان سموه.
تم شراء "حتا" من مزاد أكتوبر للخيول الحولية فقط بمبلغ 6,200 جنيه إسترليني، وتم ارسالها للتدريب مع جون دنلوب.
وقبل ظهورها في برايتون، حلت "حتا" بالمركز السادس بشكل تنافسي في سانداون بارك، قبل ان تخسر بفارق طول فقط في كمبتون في مشاركتها التالية، وكانت المرشحة الأولى للفوز بالسباق الممتد خمسة فيرلونغ في برايتون، وبالتأكيد لم تخيب ظن مسانديها حيث انتزعت الصدارة في آخر فيرلونغ ومضت الى تسجيل فوز بفارق خمسة أطوال.
وواصلت "حتا" سكة الانتصارات لتسجل فوزين آخرين في سالسبيري وسانداون بارك قبل ان تنتقل للمنافسة في سباقات الفئات عبر سباق مولكومب ستيكس (ج3) في غوودوود، وعلى الرغم من تخطيها في بداية ذلك السباق – وفي الواقع حتى منتصف المسافة – اظهرت "حتا" انطلاقة مدمرة في الفيرلونغ الأخير أوصلتها للصدارة وواصلت الاندفاع لتسجل فوزا بفارق 2.5 طول.
بعد أربع سنوات، اشترى صاحب السمو الشيخ محمد مزرعة دلهام هول في نيوماركت من عائلة فيليبس ومن ثم انطلقت عمليات تربية الخيول العائدة لسموه، وكان هناك فحل واحد فقط في دلهام هول في ذلك الوقت وهو "غريت نيفيو"، أب الفائز بالداربي في ذلك العام "شرغار"، وشملت صفقة الشراء كذلك 10 أفراس احداهما تسمى "او سو فير" وكانت تحمل مهرة تمكنت لاحقا من الفوز بالتاج الثلاثي وهي "او سو شارب".
تنتشر فحول دارلي حاليا في سبع دول حول العالم، وينتسب اليها الكثير من الخيول الأبطال والفائزة في سباقات الفئة الأولى، وتم تأسيس الاسطبلات الدولية لصاحب السمو الشيخ محمد بن رشد آل مكتوم (جودلفين) في 1992، ومنذ ذلك الحين تم تسجيل ما يربو على 4000 انتصار في 14 دولة بالشعار الملكي الأزرق الشهير.
ظل صاحب السمو الشيخ محمد مساندا ومساهما سخيا في السباقات على نحو غير مشهود من قبل، وذلك السخاء يحركه شغف حقيقي بالخيول، المهجنة منها على وجه التحديد، وتقديره واحترامه للعاملين مع الخيول.
وساهم سموه في كل فرصة عرضتها السباقات وعلى مستوى العالم، وكذلك محليا في دبي، وفي مقره الصيفي نيوماركت في سفولك بالمملكة المتحدة.
أدرك سموه الحاجة لإتاحة الفرصة لأجيال المستقبل ليصبحوا مرتبطين بصناعة السباقات، ولعبت برامج جودلفين للبداية السريعة (فلاينغ ستارت)، ومسار جودلفين دورا حيويا في اكتشاف مجموعة من الكوادر ذات الموهبة العالية وفتح فرص لهم في عدة أقطار.
وتتمثل رؤية سموه في منح المواهب الشابة خبرات في مجالات متعددة بالسباقات، وبالتالي إيجاد حواضن لقادة السباقات مستقبلا بحيث يكون بوسعهم الاسهام في تحقيق نجاحات على المدى البعيد لصناعة الخيول المهجنة.
ظل تعلق ومحبة صاحب السمو الشيخ محمد للخيول شعلة متقدة على مرّ الأزمان، وسموه بطبعه فارس امتطى الخيول طوال حياته، وتحقق حلمه في إنشاء كأس دبي العالمي قبل أكثر من عقدين، فكان فرصة للاحتفاء بمفهوم (العودة للوطن) للخيول المهجنة الى الشرق الأوسط وهو المكان الذي انطلق منه أصل السلالة عن طريق الفحول الثلاثة المؤسسة لها "دارلي اريبيان" و"جودلفين اريبيان" و"بايرلي تيرك".
ويعد برنامج جودلفين للعناية بالخيول مدى الحياة امتداد طبيعيا للشغف والتقدير الذي يكنّه سموه للخيول، ومن خلال برنامج جودلفين لإيواء الخيول التي أكملت سيرتها في السباقات يتم توفير مجال لها لتجسيد قدرات تلك الخيول في مجالات وأنشطة أخرى.
والعاملون مع الخيول ينالون أيضا حظهم من التقدير من خلال جوائز جودلفين للعاملين في إسطبلات ومزارع تربية الخيول، وهو مشروع يحظى بتأييد مخلص من سموه الذي يظهر تقديرا للأعمال الشاقة وروح التفاني لدى العاملين الذي يمثلون عماد هذه الرياضة.
كما ظل سموه مساندا متحمسا للأعمال الخيرية ومشاريع البحث ذات الصلة بالسباقات والتي لها أهمية بالغة في تعميق المعرفة والفهم لكل ما يرتبط بسباقات الخيل من قضايا.
وما بدأ قبل 40 عاما أخذ في الازدهار والتبلور كامتداد لشغف واسع النطاق يلمس كافة أرجاء صناعة سباقات الخيل والرياضة التي أحبها سموه كثيرا.