الشمس أرسلت أشعتها على عشرات الطاولات المنتشرة في أرجاء الطابق الأرضي من المدرجات الشهيرة لمضمار سراتوغا، ووجبة الافطار هنا بمثابة الزاد للذين يحتاجون التزود للعمل المجهد في اليوم الذي ينتظرهم في هذا المضمار الأجمل في امريكا.
الحرارة تبلغ 75 درجة فهرنهايت تحت الظل، وترى فارسا هنا وآخر هناك، .... ولكن هناك المئات من معجبي السباقات من مختلف الأجناس والأعمار، ومن اللافت للنظر الازدياد الملحوظ في اعداد الشباب، حيث نهض أطفال المدارس وأفراد العائلات الشابة وتنادوا للحضور مبكرا في محاولة لحشد أكبر عدد ممكن لهذا اليوم.
انه أمر غير معتاد. ولك ان تتأمل ان مصلحة السباقات تقتضي ان ينشأ بعض الشبان ويفاخروا الأجيال اللاحقة بأنهم كانوا في سراتوغا في أسبوع شهد أحد أهم سباقات الخيول؛ ألا وهو نسخة العام 2015 من سباق ذا ترافيرس ستيكس.
من المقرر ان يصل هنا في المضمار في وقت لاحق من بعد ظهيرة يوم الأربعاء "اميركان فيرو"، الفائز بالتاج الثلاثي، حيث احتشد المصورون وحاملو الكاميرات التلفزيونية في معسكر عند البوابات الأمامية تحسبا لذلك القدوم، وسيحضر المحررون في وقت لاحق لتكتمل أطراف المشهد الإعلامي الذي يُرى في العادة اثناء مباريات كرة السلة والبيسبول وكرة القدم الأمريكية.
بوب بافرت، مدرب المرشح الأول بنسبة 1 الى 5 (1.2 دولار)، قال مازحا: "أشعر وكأنني سأحضر فرقة بيتيل لحفل في المدينة."
هذا التعليق يصف مقدار الدقة في وصف إحساس المدرب بافرت بسباق يوم السبت ووقعه على الرياضة الامريكية وانعكاسه على سيرته كمدرب عريق.
هناك اهتمام جارف بهذه النسخة من سباق ذا ترافيرس والإثارة المتنامية تكاد تكون محسوسة، حيث بات السباق مادة متداولة في أروقة مدينة سراتوغا سبرينغس.
غير ان إقامة سباق تتطلب أكثر من مجرد مشاركة خيل واحد، وعلى الرغم من سمعة "اميركان فيرو" كعملاق وأسطورة للخيول المعاصرة، تجمّع تسعة منافسين في محاولة للانقضاض عليه ومن بينهم المرشح الثاني ممثل جودلفين "فروستد"، والمرشح المحلي الثالث "تكساس ريد".
قدّم "فروستد" أداء جديرا بالتقدير في كنتاكي داربي حيث حل رابعا، وفي بيلمونت حيث كان وصيفا، كما ان المدرب كيران مكلاغلين مرتاح لمستوى التطور في أداء الجواد، ومكلاغلين أظهر خلقا رياضيا في الإشادة بانتصارات "اميركان فيرو"، ولكنه يدرك ان متطلبات الموسم يمكن ان تشكل اختبارا حتى على أفضل الخيول.
وفي خلال مشاركاته التي تكللت بالفوز بالسباقات الكلاسيكية الثلاثة، خاض "اميركان فيرو" سباقات صعبة، وتنقل جيئة وذهابا بين مختلف أرجاء الولايات المتحدة مثلما يفعل بعض أفراد أطقم الطائرات تقريبا.
ومعروف عن المدرب بافرت تحفظاته على الحضور الى مضمار سراتوغا، وهو المضمار الذي وُصف بأنه "مقبرة الأبطال"، ونظرة الى الجماهير تشير الى ان ذلك الإدعاء لم يأت من فراغ.
فهناك فائز واحد بالتاج الثلاثي سبق له الفوز في سباق ذا ترافيرس وهو "ويرل اواي" في 1941، من بين ثلاثة حاولوا الفوز بالسباق، ولكن لا يغيب عن بالنا ان "غالانت فوكس" خسر من جواد كانت حظوظه في الفوز 100 الى 1 في سباق جيم داندي في 1930، وتم تنزيل ترتيب "أفيرمد" الى المركز الثاني بعد ان تدخل في مسار منافسه الرئيس "اليدار" في 1978، وتلك الإحصاءات لا تبارح ذهن المدرب بافرت والذي عبّر أيضا عن قلقه من حالة الأرضية.
مضمار سراتوغا أقرب ما يكون الى مضمار دوفيل في الإحساس الامريكي وبنكهة الانحدار السريع لمضمار غوودوود، ما يكسبه مزيدا من الحيوية، وهذا ما يجعل من مفردات السباق جاذبة، وقد تتجلى في أشد عنفوانها في هذا الأسبوع.